مسرحية 'كلو...نات' للمخرج يوسف مارس : الحقيقة على أنوف المهرجين

ماذا لو انقلبت الأمر فجأة رأسا على عقب؟ كأن ترى الناس يمشون إلى الوراء عوض الأمام أو أن تشرق الشمس من مغربها؟ هل ستكون تلك إشارة لقيام الساعة والصيحة الأخيرة قبل الفزع النهائي؟

مسرحية 'كلو...نات' للمخرج يوسف مارس : الحقيقة على أنوف المهرجين

طيّب، خذ إشارات أقل وطأة وأيسر استيعابا من كل ذلك ولكنها في النهاية إشارات لأولي الألباب.

هل أتاك وجه المهرج الضاحك بفعل مساحيق التجميل الخازن لآلام تنوء بحملها العُصبة من أولي القوة والبأس؟ ولكنه مع ذلك يواصل إسعادك وإضحاك أطفالك الذين يعودون بعد العرض إلى دفء حضنك ويعود هو إلى قرّ الشتاء وحرّ الصيف، يعدّ دنانير قليلة ثمنا لكل ذلك الجهد المبذول ليس في العرض، فذلك أمر تدرب عليه مليّا، وإنما ليواري حزنه ويكظم غيظه.

ربما هذا ما حاول المخرج والممثل يوسف مارس أن يقوله لنا عبر عمله الجديد "كلو...نات" في عرضه ما قبل الأول في فضاء "كارمن" بالعاصمة يوم الجمعة 26 نوفمبر على الساعة الخامسة مساء، ويؤكد هذه الفرضية كونه في طور مناقشة رسالة الدكتوراه بعنوان " المهرج والمسرح بين التأثير والتأثر"، وليس المهرج هنا سوى القادح الذي يشعل في رؤوسنا أسئلة عن كل أولئك الذين يمنحوننا سعادة الحياة أو بعضها دون أن يكون لنا نصيب منها.

تتحدث المسرحية عن عن فرقة من المهرجين متكونة من الممثل يحي فايدي والممثلة نورهان بوزيان والممثل محمد بوزيد تم طردهم لأن صاحب الفرقة الممثل صياح بوراس قرر أن يغير نشاط القاعة إلى مركب تجاري فتنتفض عليه الفرقة وتنطلق في ذات الآن في سرد معاناتها ويكتشف كل واحد منهم ما بالآخر من ألم يتجرعه ولا يكاد يسيغه لفرط مرارته.

يقول المثل الفرنسي إن الحقيقة تخرج من أفواه الأطفال، ولكنها تخرج أيضا من رؤوس المجانين ومن الأنوف الحمراء للمهرجين، لقد سئموا رائحة كذبنا وتسويفنا وعطالتنا الفكرية وعطالة مشاعرنا ومساعدتنا تجاه من يحتاجها، هل عميت أعيننا؟ قد تكون البصائر ربما، هل شلّت أيادينا؟ قد تكون تخثّرت بفعل وضعها في جيوبنا مع حركة لامبالاة  بهز الكتفين...

راوحت المسرحية بين الجد وبين الكوميديا السوداء وتقلب الممثلون على الركح بين أطوار مختلفة ومتنوعة أفضى كل طور منها إلى نقد لاذع وعميق ولكنه نقد لا يؤتي أكلا في بلد لا يبالي فلان بما طرأ على علاّن، في مجتمع "روحي روحي" فيضطر الممثلون في النهاية إلى تغيير مهنهم وينطلقوا إلى مهام أخرى دعاهم إليها القدر واضطرهم إليها واقعهم.