من خلال هذا الفيلم الوثائقي: دقة من الحجارة إلى الحضارة"، نواصل التعريف بالمواقع الأثرية والثقافية للبلاد التونسية في إطار فعاليات شهر التراث بين 18 أفريل و19 ماي 2020.
من خلال هذا الفيلم الوثائقي: دقة من الحجارة إلى الحضارة"، نواصل التعريف بالمواقع الأثرية والثقافية للبلاد التونسية في إطار فعاليات شهر التراث بين 18 أفريل و19 ماي 2020.
تقديم موقع "دڤة/ توڤا" تراث عالمي
"يقع موقع "دڤة " الأثري بمعتمديّة تبرسق من ولاية باجة. Thugga TUCCA, TOCCA, TBGG و دﭬــــة، هي تسميات لمدينة بربرية الأصل، تعاقبت عليها عديد الحضارات. وتشير المصادر التاريخية أن "دڤة " كانت منذ القرن الرابع قبل الميلاد مدينة ذات شأن ويذكر المؤرخ الإغريقي "ديودورس الصقلي" أنّ "دڤة " كانت خلال القرن الرابع قبل الميلاد مدينة في غاية من الجمال. وتعد "دڤة " إحدى أهم عواصم المملكة النوميدية خلال القرن الثاني قبل الميلاد.
وبلغت "دڤة " أوج ازدهارها في الفترة الرومانية أي خلال القرن الثالث بعد الميلاد. ويعود تشييد المعالم المسيحية وخاصة كنيسة "فيكتوريا" إلى القرن الخامس بعد الميلاد وتشير المصادر التاريخية إلى قدوم البيزنطيين بين 439-533 ومن أهم معالم تلك الفترة الحصن البيزنطي المحيط بالساحة العامة الرومانية ومعبد الكابتول. أما الحضور العربي الإسلامي بالموقع فيمكن استكشافه من خلال الحمام الأغلبي بالقرب من الساحة العامة الرومانية وكذلك المسجد المشيد على بقايا معبد روماني مجاور لساحة زهرة الرياح.
وتعكس الآثار البارزة للعيان بالموقع عمق تجذّر الحضارة الرومانيّة بالمدينة، و يتجلىّ ذلك في تعدّد معالمها مثل الكابتول والمسرح والساحة العامة والحمامات والمعابد.
يمسح موقع دڤة الأثري حوالي 75 هكتارا و تختزل الآثار المكتشفة ما خلفته الحضارات المتعاقبة على المنطقة طيلة ما يفوق 17 قرنا بداية من القرن 6 ق.م، وتقدّم مثالا فريدا لتلاقح عديد االحضارات ،النوميدية-البونية-الهيلينستية و الرومانية.
وقد كشفت الحفريات المنجزة بالموقع، والتي بدأت منذ سنة 1892عن أكثر من 2000 نقيشة هامة في عددها ومحتوى نصوصها، كان لها دور في فكّ رموز اللغة اللوبية والتعرّف على درجة ما بلغته "دڤة" من نموّ اقتصادي في تلك الفترة كما تفرّدت المدينة بالتعايش السلمي والانسجام بن السكان الأصليين والرومان الذين استوطنوا المنطقة.ورغم جذورها النوميدية، إلاّ أنّ دڤة عرفت نشأة مخطط عمراني ذو نمط روماني وهو ما جعلها نموذجا عمرانيا استثنائيا في شمال إفريقيا.
تحتفظ مدينة "دڤة، توڤا" بكافة مكوناتها القديمة من معالم عمومية ونسيج عمراني وهو ما جعلها متفردة عن غيرها من المواقع التونسيّة .ولم تؤثر مختلف أشغال الصيانة والترميم التي شهدها الموقع على امتداد أكثر من نصف قرن، في جمال مكونات هذه المدينة ومظهرها الأصلي.
تمّ تسجيل" دڤة / توڤا" على قائمة التراث العالمي في 6 ديسمبر 1997 طبقا للمعاير (ii) و( iii )."
حميدة رحومة، مهندس معماري عام بالمعهد الوطني للتراث، مكلفة بمشاريع الترميم والإحياء بموقع دقة. و محمد علي الشهيدي، محافظ رئيس للتراث للموقع الأثري بدقة .