توزر: رواق المدينة لحفظ ذاكرة الجهة وتنشيط السياحة الثقافية

في أحد مداخل المدينة العتيقة « أولاد الهادف » بتوزر اختار الرسام والفنان عبد المولى ناجي أحد المنازل القديمة ليحولها الى رواق المدينة، فضاء ثقافي فني يجمع فيه عبد المولى بين لوحاته التي يرسمها بين الحين والحين وبين قطع وأثاث قديم وقطع من النحاس أو الحديد طوعها فأصبحت قطعة فنية بإحساسه.
 توزر: رواق المدينة  لحفظ ذاكرة الجهة وتنشيط السياحة الثقافية

رحلته في هذا الفضاء انطلقت منذ سنوات قليلة رغم أن رحلته الفنية المتوزعة بين تونس وإيطاليا انطلقت منذ صغره، وشغفه بالرسم وبعض الفنون الأخرى كما يتحدث عنها، وهو ذو 55 سنة صرفها كاملة في الفن والتجوال بين توزر وبعض المدن التونسية الأخرى وبعض المدن الإيطالية وخاصة مقاطعة « توسقانا » الشهيرة بالفنانين والرسامين منهم على وجه الخصوص، ورحلات وجولات فنية حملته الى البرازيل واسبانيا التقى فيها فنانين واقام خلالها معارض متنوعة الى أن عاد به المطاف الى مسقط رأسه في السنوات الأخيرة.
 
« لم أتلق أي تكوين أكاديمي » يتحدث عبد المولى ناجي عن نفسه، ثم يضيف « ولأجل ذلك علقت لوحة في مدخل الرواق عنونتها « أكاديمية فنون الله » للتعبير عن أن جميع ما يقوم به من أعمال فنية هي إلهام وموهبة من الله. ويسرد مذكرات طفولته في مرحلة التعليم الابتدائي بمدينة توزر، فيشير الى أنه كان من المميزين في الرسم منذ السنوات الأولى للدراسة فضلا عن تمتعه بخط جميل وكانت تلك بدايته في عالم الفن.
 
ورغم مردوديته المادية المتواضعة كما يؤكد عبد المولى فإن الرواق بات من بين أبرز الوجهات السياحية والثقافية التي يزورها التونسيون والأجانب، فهو يستقطب بصفة دورية شخصيات تونسية وأجنبية كسفراء بعض البلدان المعتمدين في تونس ووزراء الثقافة والسياحة لما يحتويه من قطع وأثاث يختزل ذاكرة الجريد ويعرف بتاريخه وتعود بعض القطع بحسب تأكيده الى عائلات معينة كقطع النحاس والاثاث التقليدي والآلات الموسيقية فضلا عن مخطوطات وكتب لتاريخ الجهة.
ويستقبل في هذا الفضاء كذلك أصدقاءه الفنانين من جنسيات مختلفة لذلك يعتبر من أبرز الفضاءات السياحية في المدينة العتيقة ساهم حسب تقديره في تنشيط السياحة الثقافية، الى جانب عدد قليل من الفضاءات الأخرى، رغم أن المدينة العتيقة ما زالت في رأيه في حاجة الى فضاءات ثقافية تبرز المخزون الثقافي وتثمنه ومتاحف تعرف بالمدينة.
 
ولاحظ أن المدينة العتيقة تشكو من انتشار الاوساخ وتهرء بنيتها التحتية وتشويه طابعها الخصوصي بانتشار البناء الفوضوي فيها وتغيير المنازل العتيقة بمنازل حديثة بالأبواب الحديدية بدلا من الأبواب المصنوعة بخشب النخيل كما كانت في السابق.
وتبقى المدينة العتيقة بتوزر في نظر عبد المولى ناجي من أجل المدن القديمة في تونس رغم ما اعتراها من تغيرات وما شابها من تشويه طالها بسبب عبث الانسان بخصوصيتها ورغم محاولات جمعية صيانة مدينة توزر التنبيه الى خطورة ذلك فإن الجهود قليلة في الحفاظ على المدينة ويجب أن تنخرط فيها عدة أطراف أهمها بلدية المكان وسكان المدينة.